الرياضيات في علوم المادة
يبقى علم الفيزياء علماً إستقرائيّاً يعتمد في الأساس على مراقبة
الظّواهر الطّبيعيّة و اختبارها، و يستطيع في أقصى حدّه التّعبير عن
القوانين بلغة رياضيّة، فتكون الرّياضيّات في مجال علوم المادّة لغة تعبير
أكثر منها منهج اكتشاف، و هناك حالات عديدة كانت الرّياضيّات فيها أسلوب
اكتشاف و برهنة. فقد اكتشف "ليفيرييه" (أحد العلماء) بالحسابات الرّياضيّة
مكان
كوكب نبتون و بُعده و كتلته قبل التّحقّق من وجوده الفعلي بالرّصد و كان الفكر الرّياضي عند "
نيوتن" و "
أينشتاين"
سابقاً إلى حدّ كبير على الاختيار، لكن يبقى الاختيار الضّامن الأخير
لصحّة الاكتشافات في علوم المادّة. أمّا فرضيّة تحويل الكون برمّته إلى
معادلة رياضيّة كبرى فيبقى حلماَ راود أذهان
الفلاسفة و العلماء أمثال "
ديكارت"،
و لكن هذا الهدف الكبير يبقى محرّد فرضيّة دونها صعوبات و تجاذبات علميّة
و فلسفيّة. فالعالم لا يستطيع استعمال المنهج الرّياضي الإستنباطي في سائر
العلوم إلاّ إذا سلب الواقع كثيراً من مضمونه.
فاللّغة الرّياضيّة توفّر للقوانين العلميّة مزيداً من الدّقّة، و من
أبرز الأمثلة على دور الرّياضيّات في علوم المادّة: قياس سرعة الرّياح، و
قياس قوّة الزّلازل، و قياس الضّعط الجوّي.